فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد
  وهو يدل على أنه محدث؛ لأن الشجرة محدثة(١)، وإذا كان المحلّ محدثا كان الحالّ محدثا، ولا يصح أن يقال: إن الشجرة قديمة، ولا أن كلام اللّه الذي سمعه موسى قديم فيها، ولا يجوز أن يكون الكلام في غير محلّ.
  وإن قالوا: اللّه هو الذي نطق بالكلام، كما ينطق ذو اللسان، فقولهم: نطق يدلّ على الحدث؛ لأنه بمعنى: فعل، وخرج من أن يكون قديما.
  وإن قالوا(٢): هو المتكلم فيما لم يزل. قلنا: هذا يدل على العبث، والهذيان تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا.
  وإن قالوا: هو ينطق حينا ويصمت حينا. قلنا: وهذا دليل على الحدث، حدث النّطق والنّاطق؛ لأنه يكون متحركا حينا وساكنا حينا، وقد صحّ أن السكون بعد الحركة محدث، وأن الحركة من بعد السكون محدثة، فصح أنه محدث؛ لأن فيه دليل الحدث.
  وأيضا فإذا كان ينطق بآلة لم تكن الآلة إلا مصوّرة، وإذا كانت مصوّرة ثبت أن لها مصوّرا، فبطل ما قالوا من أن اللّه ينطق، وأن كلامه قديم، وقد روي عن النبيء ÷ أنه قال: «ما خلق اللّه شيئا أعظم من آية الكرسي، وما خلق اللّه شيئا أحبّ إليه من سورة الإخلاص» فدلّ على أن القرآن محدث.
(١) في (ع، ل، ي، ه): ولأن الشجرة محدثة.
(٢) في (ب، ش): فإن قالوا.