حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد

صفحة 187 - الجزء 1

  فمن رام إدراكه بالعقل، أو بالحواس، أو بالوهم، أو بالظنّ أو التّصوّر، فهو أبعد ما يكون، ولن يبلغ إلى شيء مما طلب، بل ترجع الأبصار حاسرة⁣(⁣١) والعقول والأوهام حائرة. ومن طلب معرفته واستدل عليه بصنعه فهو أقرب من كل قريب وأكبر من كلّ موجود، فهو الظاهر القريب بما أوجد⁣(⁣٢) من صنعه، وهو الباطن، البعيد، اللطيف من أن يدرك أو يتوهّم⁣(⁣٣) أو يتصوّر، وقد قصرت الأبصار والحواسّ والعقول عن صفة جسم مرئيّ بصورة مخصوصة - وهو الشّمس - فلم يقف على حقيقتها، فكيف من خلقها وصوّرها؟! فإذا قصرت عن صفة حقيقيّة جسم مشاهدة⁣(⁣٤) فهي عن درك صانعه أقصر.

  وقد حكي عن أهل النجوم وأهل الطب والفلاسفة أنهم اختلفوا في الشمس وحقيقة صفتها؛ فقال قوم: هي فلك أجوف مملوء نارا، له فم يجيش بهذا الوهج والشّعاع.

  وقال قوم: هي اجتماع أجزاء ناريّة، يرفعها البخار الرطب.

  وقال قوم: هي سحابة ملتهبة.

  وقال قوم: هي جسم زجاجيّ يرسل علينا شعاعه.

  وقال قوم: هي صفوة لطيفة تصعد من البحر⁣(⁣٥).


(١) في (ن): خاسرة.

(٢) في (أ): لما أوجد.

(٣) في (ع، ش): أو يوهم.

(٤) في (ب): عن حقيقيّة جسم تشاهده. وفي (ع): عن صفة حقيقة جسم مشاهد.

وفي (ش): عن حقيقة جسم تشاهده.

(٥) في (س، ش، ع، ل): تتصعد من البحر