فصل في الكلام فيما اتفق عليه أهل القبلة وما اختلفوا فيه من التوحيد
  وقال قوم: هي أجزاء كثيرة مجتمعة من النار.
  وقال قوم: هي من جوهر خامس سوى الجواهر الأربعة.
  وقال قوم: هي بمنزلة صحيفة عريضة.
  وقال قوم: هي كالجرّة المدحرجة.
  وقال قوم: هي مثل الأرض.
  وقال قوم: هي أضعاف ذلك.
  وقال قوم: هي أعظم من الجزيرة الكبيرة.
  ذكر ذلك عنهم وحكاه أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب الدلائل. وقال: ففي اختلاف هذه الأقاويل منهم في الشمس دليل على أنهم لم يقفوا على الحقيقة من أمرها. فإذا كانت هذه الشمس التي يقع عليها البصر، ويدركها الحسّ، قد عجزت العقول(١) عن الوقوف على حقيقتها، فكيف بالحدّ لما لطف عن الحسّ واستسر(٢) عن الوهم.
  فإن قالوا: لم استسر(٣)؟ قلنا: لم يستسر(٤) بحيلة يخلص إليها كمن احتجب عن الناس بالأبواب والستور. وإنما معنى قولنا: (إنه استسر)(٥) أنه لطف عن مدى ما تبلغه الأوهام كما لطفت الشّمس وارتفعت عن إدراكها بالبصر.
(١) في (ع): فقد عجزت العقول.
(٢) في (ش): استتر.
(٣) في (ش): استتر.
(٤) في (ش): لم يستتر.
(٥) في (ش): أنه استتر.