حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الإرادة

صفحة 191 - الجزء 1

  وفناء الأجسام هو هي، وليس هو غيرها، وأن إرادته في فعل خلقه:

  إرادة نهي، وأمر، وأنّ رضى اللّه ومحبته [هما]⁣(⁣١) رحمته وثوابه، وأن سخط اللّه وكراهته وغضبه نقمته وعقابه، فمن ¥ وأحبه فقد حكم له بالرحمة والثواب، ومن سخط عليه وكره أفعاله⁣(⁣٢) فقد حكم عليه بالنقمة والعقاب، فهذه إرادة الحكم.

  وقالت المعتزلة: للّه إرادة غير المراد، وهي محدثة، وهي في غير محلّ، وقالوا: لا يكون مريدا لنفسه؛ لأنه لو كان مريدا لنفسه، لكان مريدا لكل المرادات⁣(⁣٣)، كما أنه لما كان عالما لنفسه كان عالما بجميع المعلومات.

  قالوا: والدليل على أن إرادة اللّه غير مراده⁣(⁣٤) أنه آمر ومخبر، ولا يكون الآمر آمرا إلا أن يريد كون المأمور، ولا يكون مخبرا إلا إذا أراد إيقاع الحروف، واستدلّوا بقول اللّه تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}⁣[النساء: ٢٦]، وبقوله:

  {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيماً}⁣[النساء: ٢٧]، وبقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، وذلك كثير، وهذا مذهب البصريين منهم. فأما قول البغداديين فمثل قولنا.


(١) زيادة في (ج، د). وفي (ع): هي.

(٢) في (ع، ش): فعاله.

(٣) في (ش): لكل الإرادات.

(٤) في (أ): غير مرادة.