حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الإرادة

صفحة 193 - الجزء 1

  كما لم يكن ثمّ قول غير إيجاد القول⁣(⁣١)، كذلك ليس ثمّ إرادة غير إيجاد الشيء.

  وإذا كان الكلام مع الصفاتية قلنا: إذا كان الكاف والنون غير الكائن كانا قولا، وإذا كانا قولا فلا يكون القول هذا إلا أمرا. فإذا كان القول لموجود فإيجاد الموجود محال، وإذا كان لمعدوم فمحال أيضا أن يؤمر المعدوم، فبطل ما قالوا، وصحّ أنه لا قول غير إيجاد الشيء.

  ومثل هذا موجود في لغة العرب قال الشاعر:

  امتلأ الحوض وقال قطني ... مهلا رويدا قد ملأت بطني

  والحوض لم يكن منه قول غير الامتلاء.

  وقال آخر:

  وقالت له العينان سمعا وطاعة ... وحدّرتا كالدّر لمّا يثقب

  ولم يكن من العينين قول غير تحدير الدمع.

  وقالت الصفاتية: (اللّه مريد بإرادة قديمة)، كما قالوا: (عالم بعلم قديم).

  والدليل على أن إرادة اللّه محدثة أنك تقول: اللّه يريد، ولا يريد، كما تقول: يخلق ولا يخلق، ويرزق ولا يرزق. فجاز أن تصفه بصفات الفعل وأضدادها. وليس كذلك صفات الأزل. ألا ترى أن اللّه لما كان


(١) في (ض): غير إيجاد الفعل.