حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الإرادة

صفحة 195 - الجزء 1

  أن يخرج من الطاعة إلى المعصية، فصحّ أن هذه الإرادة منه إرادة تخيير وتمكين.

  ومنها إرادة حكم ووعد ووعيد، وهي إرادة خبر وليست إرادة حتم وجبر؛ لأنها لو كانت إرادة حتم وجبر لأنفذ ما أراده وأمضاه، ولكان قد خلق الوعد والوعيد والآخرة وما فيها، فصحّ أنها إرادة خبر لا غير.

  واعلم أن أمم الأنبياء $ قد اختلفوا مثل اختلاف أمة نبيئنا محمد ÷ من ذلك ما قالت اليهود وهم [على]⁣(⁣١) ثلاثة أصناف: فقال منهم رأس الجالوت - وهو سلطانهم الذي يقولون: هو من ذريّة موسى وهارون -: إن إلههم أبيض الرأس واللحية، وقالوا: وجدوا في سفر شعيا: رأيت قديم الأيام قاعدا على كرسي حوله الأملاك⁣(⁣٢)، فرأيته أبيض الرأس واللحية.

  وقالت العنانية منهم بنفي التّشبيه، وزعمت أن العزير ابن اللّه على مثل قولك⁣(⁣٣): إبراهيم خليل اللّه.

  وقالت الأصبهانية - وهم عامة اليهود - بنفي التشبيه، إلا أنهم قالوا: عزير ابن اللّه على معنى القربة.

  وقالت السامرية بنفي التشبيه، والاستطاعة قبل الفعل، وأنكرت نبوءة داود، ولم تؤمن إلا بما في التوراة.


(١) زيادة في (ب، ت، ع).

(٢) في (ع): حوليه الأملاك.

(٣) في (ش): مثل: قول.