فصل في الكلام في الهداية والإضلال
  مُبِينٌ}[القصص: ١٥]، وقال اللّه تعالى: {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام: ٦٨]، وقال تعالى حاكيا عن صاحب موسى: {وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}[الكهف: ٦٣]، وقال تعالى:
  {وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ٥٢ لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ ٥٣ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الحج: ٥٢ - ٥٤]، ومعنى {تَمَنَّى} قرأ. وتأويل {أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} المراد به في قراءته، وليس المراد به أنه يلقي في قلب الرسول ولا على لسان الرسول، ولكن المراد (به أنه)(١) يلقي في قراءة بعض من يقرأ ما يأتي به الرسول، وذلك الإلقاء مثل الغلط والنّسيان، والزيادة والنقصان. وقد سئل القاسم بن إبراهيم # عن تأويل هذه الآية فقال: تأويل {تَمَنَّى} هو قرأ، وتأويل {أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} تأويله ألقى الشيطان في قراءته. وقراءته # هو إلقاء من الشيطان في أمنيته وقراءته. والإلقاء في القراءة من الشيطان ليس إلقاء(٢) في قلب الرسول، ولا فيما جعله اللّه له من اللسان، ولكنه إلقاء في القراءة من الشيطان، بزيادة منه في القراءة أو نقصان(٣). وقد رأينا نحن في دهرنا هذا بين من يقرأ آيات القرآن اختلافا كثيرا في الزيادة
(١) ساقط في (ص).
(٢) في (ع): ليس الإلقاء.
(٣) في (ش): بزيادة منه في القرآن أو نقصان.