حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الهداية والإضلال

صفحة 245 - الجزء 1

  وقولنا: إن الشيطان يستدلّ إذا نظر في وجه الإنسان على ما في قلبه؛ ومثل ذلك قد يعرفه أهل الفطنة من الناس في الغضب والرضا؛ وقد قال اللّه تعالى: {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا}⁣[الحج: ٧٢]، فلو لا أن الإنسان يمكنه الامتناع من الشيطان وإضلاله لما أمر اللّه بالتعوذ منه. وقد يمكن أن يكون إضلال الشيطان للإنسان بالإرسال من اللّه والتّخلية، عقوبة للإنسان على معصيته، قال اللّه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا}⁣[النساء: ١٣٧]، وقال اللّه تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ٣٦ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}⁣[الزخرف: ٣٦ - ٣٧]، ويحمل على هذا المعنى قول اللّه تعالى: {زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ}⁣[النمل: ٤]، والعشو هو المسير في غير الطريق، قال الشاعر:

  متى تأتهم تعشو إلى ضوء نارهم ... تجد خير نار عندها خير موقد