فصل في الكلام في ما فطر الله عليه العبد
  فإن الحيوان(١) مضطر إليه، وليس له فيه إلا التّعرّض له، وهو عرض ضروريّ يغشيه اللّه الحيوان. ومما يبيّن لك أنه ضروريّ أن الإنسان قد يريد أن ينام ويتعرض لذلك في بعض الأوقات فلا يحصل له النوم، وقد [أيضا](٢) يغشيه اللّه النوم ويريد أن لا ينام فلا يتم له ذلك في بعض الأوقات ويغلبه النوم، فصحّ أنه ضروريّ، قال اللّه تعالى:
  {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ}[الأنفال: ١١]، وقال تعالى: {وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ}[الروم: ٢٣]، فلو كان اختيارا للعبد لم يكن آية من آيات اللّه.
  واعلم أن فيه منافع للعبد، ونعما(٣) من اللّه سبحانه وتعالى.
  منها: الاستراحة والسّلوّ(٤).
  ومنها: السّكون لهضم الطعام.
  ومنها: أنه يشغل كثير(٥) من الناس عن المآثم(٦) والفساد.
  ومنها: أنه دليل على الموت، ومشبه به(٧)، ومذكّر بالموت(٨)، قال اللّه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الزمر: ٤٢].
(١) في (ب، ع): فإن الإنسان.
(٢) في (ث): وقد أيضا يغشيه اللّه النوم.
(٣) في (ض): ونعمة.
(٤) في (ض): والسلوى.
(٥) في (ش، م، س): يشغل كثيرا.
(٦) في (ل، ه): من المآثم.
(٧) في (أ، ب، ت، ع): ومشبّه للموت. وفي (ي): ومشبه له.
(٨) في (أ): ومذكر للموت. وفي (ص): ومذكر به.