حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أن ما أمر الله به العبد فهو له نعمة

صفحة 264 - الجزء 1

  الشّرف والرّفعة التي جعلهما اللّه تعالى للعالم، قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}⁣[المجادلة: ١١]، وأما النعمة العاجلة في الطهارة فإنه لولا التّطهّر عن النجاسات والوضوء للصّلوات لكان الإنسان أقبح شيء وأقذره.

  ألا ترى أن من هجر الماء⁣(⁣١) لسخافته وكسله وسقاطة نفسه أن ذلك يدلّ من نظره على دناءته وسخافته وكسله، وقد يتطهّر ويتنزّه كثير من الناس لحسن التّنزّه وقبح النجاسة لا لرجاء ثواب.

  وفي التطهر أيضا وجوه من النفع العاجل:

  منها أنه يفسح الصدر، ويزيل الهمّ، ويظهر سيما الصّالحين، والنفع العاجل في الاغتسال من الجنابة أنه يشدّ الجسد، ويذهب بالكلال، ويزيل النجس. وفيه نفاعة أخرى وهو⁣(⁣٢) لولا خوف مشقّة الاغتسال وخوف مئونته وكلفته⁣(⁣٣) لكان بعض الناس لا يكاد يفتر من الجماع في أكثر وقته، وكان ذلك يضرّ به، ويضعف جسده.

  والنفاعة العاجلة في الصلاة: أنها علامة المسلم، وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، أي تنهى صاحبها عن فعل المنكرات، وتجنّبه من الفواحش⁣(⁣٤)، قال اللّه تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}⁣[العنكبوت: ٤٥].


(١) في (ط): أن من يهجر الماء.

(٢) في (ص، ع): وهي.

(٣) في (أ): وكلفه.

(٤) في (ض): وتنجيه من الفواحش.