فصل في الكلام في أن ما أمر الله به العبد فهو له نعمة
  والزكاة نفعها الآجل للمعطي، ونفعها العاجل للمستعطي.
  والصّوم نفعه آجل، وربّما كان فيه نفع عاجل، وهو أنه يذلّ النّفس ويقوّي صاحبها عليها.
  والحجّ نفعه آجل، وربّما كان فيه نفع عاجل لمن طلب الإجارة والتّجارة مع الحجّ، مثل أن يحجّ لغيره بالأجرة إذا كان قد حجّ عن نفسه، ومثل من يبيع ويشتري مع الحج إذا لم يكن البيع والشّراء أكثر همّه(١).
  وبرّ الوالدين وصلة القرابة، فالنّفع العاجل فيه ظاهر للوالدين والأقربين، وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «صلة الرّحم تزيد في العمر».
  والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفعه العاجل عامّ لجميع الناس، قال اللّه تعالى: {وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ ...} الآية [الحج: ٤٠]، فمن تمام النعمة أن اللّه أمر بما يستحسنه العقل، وينفع في العاجل، ثم وعد عليه الثواب الآجل، قال اللّه تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً}[المائدة: ٣]، وقد روي عن كميل بن زياد النخعي، قال: قال أمير المؤمنين #: (يا سبحان اللّه ما أزهد كثيرا من الناس في الخير، عجبت لرجل يأتيه أخوه المسلم في حاجة فلا يرى نفسه للخير أهلا، فو اللّه لو كنّا لا نرجو جنّة ولا ثوابا، ولا نخشى نارا ولا عقابا لكان
(١) في (ج، م): أكبر همه.