حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أن ما أمر الله به العبد فهو له نعمة

صفحة 266 - الجزء 1

  ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدلّ على سبيل النجاة)، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أسمعت هذا من رسول اللّه ÷؟ قال: نعم وما هو خير منه: لما أتي بسبايا طي وقعت جارية حميا، حوّاء، لعسا، لميا، عبطاء، شمّاء الأنف، معتدلة القامة، درما الكعبين، خدلجة السّاقين، لفّا الفخذين، خميصة الخصرين، مضمرة الكشحين، فلمّا رأيتها أعجبت بها، وقلت:

  لأطلبنّ إلى رسول اللّه ÷ أن يجعلها في فيئي، فلمّا تكلمت نسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها⁣(⁣١)، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلّي عنّي ولا تشمت بي العرب فإني ابنة سراة قومي⁣(⁣٢)، كان أبي يفك العاني، ويقوّي الضّعيف، ويقرئ الضّيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السّلام، وما ردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي. فقال النبيء ÷: «هذه صفات المؤمن، لو كان أبوك إسلاميّا لترحّمنا عليه، خلّوا عنها، فإن أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق، واللّه سبحانه يحبّ مكارم الأخلاق».

  فقام أبو بردة فقال: يا رسول اللّه، اللّه يحبّ مكارم الأخلاق؟ فقال:

  «نعم، يا أبا بردة، لا يدخل أحد الجنّة إلا بحسن الخلق». فصحّ أن اللّه ما أمر إلا بمكارم الأخلاق⁣(⁣٣).


(١) في (ه، ي): إلى فصاحتها.

(٢) في (ب، ع): سرة قومي. وفي (ص): سريّ قومي.

(٣) في (ل): فصح أن اللّه أمر بمكارم الأخلاق.