فصل في الكلام في أن ما أمر الله به العبد فهو له نعمة
  ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدلّ على سبيل النجاة)، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أسمعت هذا من رسول اللّه ÷؟ قال: نعم وما هو خير منه: لما أتي بسبايا طي وقعت جارية حميا، حوّاء، لعسا، لميا، عبطاء، شمّاء الأنف، معتدلة القامة، درما الكعبين، خدلجة السّاقين، لفّا الفخذين، خميصة الخصرين، مضمرة الكشحين، فلمّا رأيتها أعجبت بها، وقلت:
  لأطلبنّ إلى رسول اللّه ÷ أن يجعلها في فيئي، فلمّا تكلمت نسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها(١)، فقالت: يا محمد إن رأيت أن تخلّي عنّي ولا تشمت بي العرب فإني ابنة سراة قومي(٢)، كان أبي يفك العاني، ويقوّي الضّعيف، ويقرئ الضّيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويطعم الطعام، ويفشي السّلام، وما ردّ طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم الطائي. فقال النبيء ÷: «هذه صفات المؤمن، لو كان أبوك إسلاميّا لترحّمنا عليه، خلّوا عنها، فإن أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق، واللّه سبحانه يحبّ مكارم الأخلاق».
  فقام أبو بردة فقال: يا رسول اللّه، اللّه يحبّ مكارم الأخلاق؟ فقال:
  «نعم، يا أبا بردة، لا يدخل أحد الجنّة إلا بحسن الخلق». فصحّ أن اللّه ما أمر إلا بمكارم الأخلاق(٣).
(١) في (ه، ي): إلى فصاحتها.
(٢) في (ب، ع): سرة قومي. وفي (ص): سريّ قومي.
(٣) في (ل): فصح أن اللّه أمر بمكارم الأخلاق.