فصل في الكلام في أن الله نهى عن فعل ما يستقبحه العقل ويضر في الحال والمآل
فصل في الكلام في أن اللّه نهى عن فعل ما يستقبحه العقل ويضرّ في الحال والمآل
  فمما نهى اللّه عنه الظلم. والظلم مما يستقبحه العقل ويضرّ الظالم والمظلوم في الحال والمآل.
  ومما يدل(١) على أن الظلم قبيح: أنك تستقبح أن يظلمك غيرك ويضرّك ذلك في الحال، فكما أنه قبيح من غيرك كذلك هو قبيح منك.
  واعلم أن الظلم على وجهين: فظلم يظلم العبد فيه نفسه لا غيرها. وظلم يظلم فيه نفسه وغيرها(٢) من المخلوقين.
  فأما الظلم الخاص من نفسه لنفسه(٣) فهو معصيته لربه، مثل كفر الجحود، وكفر النعمة، وقلة الصبر على البليّة، وترك العمل بالطاعة، وما جرى مجرى ذلك، فهذا ظلم لقوله تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان: ١٣]، ولم يظلم به إلا نفسه. وقال اللّه تعالى: {وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[النحل: ١١٨].
  والظلم الثاني الذي يظلم فيه نفسه وغيره من المخلوقين فهو ما نقّص به غيره من المخلوقين من عرضه - كالغيبة - أو ماله - كالغصب - أو دمه - كالقتل والجرح - أو حقّه - كترك معاونة من أمر بمعاونته،
(١) في (س، ش): ومما يدلك.
(٢) في (ش): وغيره.
(٣) في (ض): فأما الظلم الخاص لنفسه. وفي نسخة أخرى: فأما الظلم لنفسه.