فصل في الكلام في أن الله نهى عن فعل ما يستقبحه العقل ويضر في الحال والمآل
  وأيضا فإنه يمكن أن يكون فيما نهانا عنه أشياء من المضار العاجلة لا نعلمها، ويؤيد ذلك(١) قول رسول اللّه ÷: «لا يغتسل الجنب حتى يبول، وإلا تردّد فيه بقيّة المني، فكان منه داء لا دواء له». وفيما ذكرنا دليل على ما لم نذكر.
  ومن تمام النعمة أن اللّه أمر عباده بما تستحسنه العقول، وينفع في الحال، ثم أثابهم وأعطاهم الأجر الكثير في الآخرة على فعله. ونهاهم عما يضرهم في الحال والمآل وتستقبحه العقول، وعاقبهم على فعله في الآخرة.
  ومن كمال النعمة أنه ما كلّف أحدا فوق طاقته بل أمر المكلّفين بالإنفاق ورغّبهم فيه، ونهاهم عن الإنفاق الذي يضرّهم(٢)، فقال تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة: ١٩٥]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً}[الفرقان: ٦٧]، وقال تعالى:
  {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}[البقرة: ٢٨٦]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥]، فالحمد للّه على نعمه عدد نعمه.
(١) في (ع): يؤيد ذلك.
(٢) في (ع): الذي يضرهم.