فصل في الكلام في واجبات السمع
  ومما يجب أن يسمع(١): كلام رسول اللّه ÷، وكلام الأئمة الهادين، وكلام معلّمي الخير. وقد ذمّ اللّه تعالى الذين لا يستمعون كتابه، وما جاء به رسول اللّه ÷، قال عزّ من قائل: {وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ}[فصلت: ٤٤]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَعُمْياناً}[الفرقان: ٧٣]، وقال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا}[البقرة: ١٠٤]، وقال اللّه تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}[الأنفال: ٢١].
  وتأويل قوله: {لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا} روي عن ابن عباس أن (راعنا) عند اليهود كلمة ذمّ، وهي عند العرب بمعنى أنظرنا، ويقول القائل منهم: أرعني سمعك والمعنى اسمع منّي. فكانت اليهود يأتون إلى النبيء ÷ فيقولون: راعنا، وأرعنا سمعك. وغرضهم السب له بلسانهم، فإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا: قد كنّا نسبّ محمدا سرّا، فقد صرنا نسبه علنا. فأنزل اللّه هذه الآية، وخاطب بها المؤمنون، لئلّا يتشبّه بهم اليهود(٢) إذا قالوا: راعنا.
  ومما يجب استماعه على القاضي: قول المدّعي، وقول المدّعى عليه، وقول الشّهود، ويجب استماع حكم القاضي على الخصمين.
  فهذه الأشياء، وما جانسها يجب استماعها.
(١) في (ل، ه، م): أن يستمع.
(٢) كذا في الأصل، والصواب أن يقال: لئلا يتشبهوا باليهود.