حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في واجبات البصر

صفحة 291 - الجزء 1

  والإربة هاهنا هي النظر⁣(⁣١) للشهوة، فاستثنى اللّه من ينظر للشهوة من ذوي الرضاع⁣(⁣٢)، ولم يستثن ذلك من ذوي النّسب؛ لأن الرّحم يلزم ما لا يلزم الرضاع، وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يخلو بامرأة ليست له بمحرم، فإن ثالثهما الشيطان» إلا مع امرأة يحرم عليه نكاحها من نسب أو صهر.

  وقوله: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ} وهم الذين لم يدروا ما يطلب الرجال من النساء لصغرهم، وهو يكون من ست سنين⁣(⁣٣) أو سبع، أو قريبا من ذلك، واللّه أعلم.

  واعلم أن هذا النّهي شامل للناظر والمنظور من الرجال والنساء.

  ولا يحرم النظر إلى الصبيّة الصّغيرة على هذا القياس إلا أن يكون يؤدي إلى الشهوة. وكذلك النظر إلى ما ظهر من الأمة المملوكة للغير لما روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «لا تجالسوا أولاد الأغنياء فإن لهم شهوة كشهوة النساء» فمن هاهنا يحرم النظر إلى أمة الغير إذا كان النظر إليها يؤدي إلى الشهوة. فإذا لم يكن يؤدي إلى الشهوة كالزّنجيّة وشبهها فلا يحرم النظر إلى ما ظهر منها.

  قال القاسم #: (يجوز أن تصلي الأمة بغير خمار) فصح أنها كالرجل في العورة، إلا ما ذكرنا مما يدعو إلى الشهوة.


(١) في (ب، ع): هي النظرة.

(٢) في (ع): من ذي الرضاعة.

(٣) في (ش): وهو يكون ابن ست سنين. وفي (ع): وهو يكون إلى ست سنين.