حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في التجارة

صفحة 305 - الجزء 1

  ولا يقنع بالشيء منها بل يطلب المزيد عليه، كما فعل رجال من عباد اللّه الصالحين، منهم الهادي # فإنه لم يقنع بكثرة جهاده وهداه للناس إلى الحق، واجتهاده، وصلواته⁣(⁣١) وقيامه، وصدقاته وحجه وصيامه، ودعائه إلى رب العالمين، وإعزازه للمؤمنين، وإرغامه للفاسقين، ومباينته للظالمين، فلم يقنع بما فعل من البرّ في حياته حتى زاد أوصى أن يتصدق عنه⁣(⁣٢) بعد وفاته؛ فإنه سأل بنيه وبني عمومته والصالحين من شيعته وأهل مودّته أن يتصدقوا عنه بعد مماته، ولا يستقل المتصدّق عنه شيئا من حسناته، فعليه من اللّه أفضل سلامه وتحياته.

  واعلم أن خير التجارة العلم والورع لقول رسول اللّه ÷: «فضل العلم خير من فضل العبادة، وخير دينكم الورع».

  واعلم أن أشرف التجارة أكثرها تعبا مع الإخلاص للّه لما روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «أشرف الإيمان أن يأمنك الناس، وأشرف الإسلام أن تسلم الناس من يدك ولسانك، وأشرف الهجرة أن تهجر السيئات، وأشرف الجهاد أن تقتل وتعقر فرسك في سبيل اللّه».


(١) في (ج): وصلاته.

(٢) في (س): أن يتصدّقوا عنه.