فصل في الكلام في التوبة
  وقد قال تعالى: {بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الحجرات: ١١]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النور: ١٩]، وإما أن يتكلم في المؤمن بما لم يفعل فذلك أكبر من الغيبة، وهو بهتان وافتراء وإثم عظيم لقول اللّه تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}[النور: ١٥].
  وأما الفاسق المصرّ على فسقه فلا إثم في غيبته.
  ويجب على القاذف إذا قذف مؤمنا ولم يأت بأربعة شهداء التوبة وتسليم نفسه إلى الإمام ليأخذ منه حد القذف للمقذوف أو لورثته، إلا أن يعفو عنه المقذوف أو ورثته قبل المطالبة(١) إلى الإمام، وإن لم(٢) يكن إمام سأل المقذوف الحلّ، وعلى من طلب منه الحلّ في هذا أو في الغيبة(٣) أن يحل ويعفو، لما روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال:
  «أفضل الفضائل أن تعطي من حرمك، وتصفح عمن شتمك، وتصل من قطعك».
  وحقيقة التوبة الندم عن(٤) فعل الذنب كائنا ما كان - ترك فريضة، أو عمل معصية - فهذا يجب الندم(٥) من فعل المعاصي،
(١) في (ت): قبل المرافعة. وفي (ج): قبل المطالعة.
(٢) في (س، ش): فإن لم.
(٣) في (ل): وفي الغيبة.
(٤) في (ص، ع): على.
(٥) في (س، م): فهذا يوجب الندم.