فصل في الكلام في التوبة
  ومن التمحيص ما ذكر اللّه تعالى من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات والأمراض؛ ونقصان الأنفس مثل الموت ونقصان الخلق. وقد يبتلي اللّه عبده بالفقر لينظر صبره، قال اللّه تعالى: {وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ}[الفجر: ١٦]، وقد روي أن في التوراة: (يا موسى إني لم أفقر الفقير بذنب(١) قدّمه إليّ ولم أغن الغني لأنظر شكره، يا موسى فلا الفقير صبر ولا الغني شكر). وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «إن المؤمن إذا أصابه السّقم ثم عافاه اللّه منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل(٢)، وإن المنافق إذا مرض ثم عوفي منه كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه؟ ولم أرسلوه؟ فقال رجل:
  يا رسول اللّه، وما الأسقام واللّه ما مرضت قط؟ فقال ÷: قم عنّا فلست منّا». وروي عن رسول اللّه ÷ أنه قال لعلي #: «يا عليّ غمّ العيال(٣) ستر من النار، وطاعة الخالق أمان من العذاب، والصّبر على الفاقة جهاد، وأفضل من عبادة ستين سنة».
  وعن علي # أنه قال: قال رسول اللّه ÷: «يقول اللّه ø: أيما عبد من عبادي ابتليته ببلاء على فراشه فلم يشك على (أحد)(٤) من عوّاده أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه،
(١) في (ث): لذنب.
(٢) في (س): لما يستقبل.
(٣) في (ج، ه، د): همّ العيال.
(٤) ساقط في (أ).