فصل في الكلام في التوبة
  فإن قبضته فإلى رحمتي، وإن عافيته فليس له ذنب. قيل: يا رسول اللّه وكيف ينبت له لحم غير لحمه، ودم غير دمه؟ قال: لحم لم يذنب».
  وعن أم العلى قالت: عادني رسول اللّه ÷ وأنا مريضة فقال:
  «أبشري يا أم العلى فإن مرض المسلم يذهب اللّه به خطاياه [وسيئاته](١) كما تذهب النار خبث الذهب والفضة». وعن النبيء ÷ أنه قال:
  «عظم الجزاء على عظم البلاء(٢)، فإن اللّه(٣) إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط». وقال القاسم بن إبراهيم # في المكنون: ولربما أدّب اللّه عبده بالفقر، وابتلاه بالعسر اختبارا له ليجعل له في عاقبة ذلك خيرا.
  واعلم أنه لولا البلاء لما عرف اللّه، ولما عرف(٤) المطيع من العاصي، ولما عرفت النّعمة؛ ولأن العبد إذا مسّه ضرّ دعا ربه [منيبا إليه](٥) وتضرّع إليه؛ قال اللّه تعالى: {وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ}[الزمر: ٨]. وأيضا إنه لولا البلاء لما عرف فضل النّعمة، وفي الشاهد أن المعافى لا يعرف فضل العافية حتّى يبتلى، فإذا أصابه ألم وضرّ ومرض تمنّى العافية،
(١) زيادة في (ج، ل).
(٢) في (ش): مع عظم البلاء.
(٣) في (س، ه، ي): وإن اللّه.
(٤) في (ع): ولا عرف.
(٥) زيادة في (ص).