حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الرزق

صفحة 318 - الجزء 1

  من النار، وطاعة الخالق أمان من العقاب⁣(⁣١)، والصبر على الفاقة جهاد، وأفضل من عبادة ستين سنة».

  واعلم أن الرزق من اللّه عامّ لجميع المرزوقين، المكلفين وغير المكلفين، المطيعين والعاصين. والرزق من تمام الخلق، ولولا الرزق من اللّه لما حيّ المرزوق، ولكانت الحجة على الخالق للمخلوق - تعالى اللّه عن ذلك، بل خلق⁣(⁣٢) ورزق، وأسبغ النعمة⁣(⁣٣) وأكمل له على خلقه الحجة.

  وذهبت المطرفية إلى أن اللّه لم يرزق العاصي، وأن كل ما تناوله العاصي من الحلال والحرام غصب اغتصبه، وليس برزق له، ولم يسمعوا قول اللّه تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ}⁣[الروم: ٤٠]، وهذا خطاب من اللّه يقال للمشركين، وقال تعالى: {كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً}⁣[الإسراء: ٢٠]، وقال تعالى: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ١١ وَجَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً ١٢ وَبَنِينَ شُهُوداً ١٣ وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً ١٤ ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ}⁣[المدثر: ١١ - ١٥]، وقال تعالى: {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ ١ إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ٢ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ ٣ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}⁣[قريش: ١ - ٤]، وقال تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}⁣[الإسراء: ٣١]، وقال تعالى - حاكيا عن إبراهيم #:

  {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ


(١) في (ع، ب): من العذاب.

(٢) في (ه): بل قد خلق.

(٣) في (ع): وأسبغ النعم.