حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الرزق

صفحة 319 - الجزء 1

  وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا}⁣[البقرة: ١٢٦]، وقال: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ}⁣[الأنعام: ٩٤]، وهذا في القرآن كثير. ومن أنكر هذا فقد أنكر نعمة اللّه.

  وروي عن النبيء ÷ أنه قال: «لا يتوارث أهل ملتين» وعلى هذا لو أن ذميّا مات وله ولدان أحدهما مسلم والآخر كافر لقضي بماله لولده الكافر ولم يكن للمسلم شيء. والميراث رزق من اللّه تعالى بالإجماع فسقط قولهم.

  واعلم أن أكرم الناس عند اللّه أكثرهم بليّة، وأكبر البلايا أكثرها ثوابا؛ من ذلك ما ابتلى اللّه به الأنبياء À من إبلاغ الرسالة، وتحمّل كلفة الأمر وسياسة الناس، وفي خلال ذلك بلايا تصيبهم؛ مثل الجوع والعطش والخوف، والعلل المؤلمة، والأمراض المتعبة، مثل ما ابتلى اللّه به أيوب # من الضرّ الذي ذكره اللّه، وقيل: إنه الجذام.

  ومثل ما لقي يونس # من الغرق، والتقام الحوت له.

  ومثل ما كان نبيئنا محمد ÷ يلقى من الخصاصة، والجوع، وذلك بسبب إيثاره على نفسه، واختياره للفقر لما علم فيه من الأجر، وقد قال اللّه تعالى فيه، وفي عليّ وفاطمة والحسن والحسين $:

  {وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ٨ إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً}⁣[الإنسان: ٨ - ٩]. وروي عن سويد بن علقمة قال:

  (أصابت عليّا # خصاصة، فقال لفاطمة &: لو أتيت