حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الرزق

صفحة 321 - الجزء 1

  بشّرنا بآبائنا وأمهاتنا، قال: «نعم، جاءني حبيبي جبريل # في صورة لم يأتني في مثلها قط، شعره كالمرجان والدّرّ، برّاق الثّنايا، على فرس من أفراس الجنة، سرجه من ذهب، ولجامه من ذهب، تحته قطيفة من إستبرق، فقال لي: يا رسول اللّه، السّلام يقرؤك السّلام، ويقول لك: أتحبّ أن أجعل لك تهامة ذهبا، وفضة، تزول معك حيث تزول: ولا ينقصك ذلك⁣(⁣١) مما وعدك اللّه في الآخرة جناح بعوضة، فقلت له: أعمر ما خرب اللّه⁣(⁣٢) يا جبريل؟! إن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ويجمعها من لا عقل له، فقال جبريل # له ÷: يا رسول اللّه وفقك اللّه [يا رسول اللّه]⁣(⁣٣) لقد أخبرني بكلامك هذا إسرافيل تحت العرش من قبل أن آتيك» فصح أنه ÷ اختار الفقر على الغنى.

  ولم يبتل أحد بمثل ما ابتلى اللّه به خليله إبراهيم #، فإنه ابتلاه بذبح ولده إسماعيل # من بعد أن دعى ربّه أن يهب له ولدا صالحا لتوحّده وانفراده من الأولاد والأصحاب. فلما وهب له ولدا صالحا أمره بذبحه؛ فهذا هو البلاء العظيم الذي لم يبل به سواه⁣(⁣٤)، قال اللّه تعالى حاكيا عن إبراهيم #: {وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ ٩٩ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ١٠٠ فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ ١٠١ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ


(١) في (ط، ه): ولا ينقّص ذلك.

(٢) في (ص، س): ما أخرب اللّه.

(٣) زيادة في (أ، ل).

(٤) في (ه، ي): الذي لم يبتلى به أحد سواه.