فصل في الكلام في الصبر على البلية
  سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ١٠٢ فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ١٠٣ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ ١٠٤ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ١٠٥ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ١٠٦ وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}[الصافات: ٩٩ - ١٠٧]، ومثل هذا البلاء لا تطيقه النفوس، وقد تطيقه الأجساد. وقول اللّه تعالى: {رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ}[البقرة: ٢٨٦]، المراد: ولا تحملنا ما لا تطيقه نفوسنا. فأما الأجساد فإن اللّه لا يحملها ما لا تطيق؛ وذلك لا نخاف وقوعه من اللّه، وإنما أمرنا اللّه بالدعاء(١) مما نخاف وقوعه منه أن لا يوقعه بنا.
فصل في الكلام في الصبر على البلية
  اعلم أن حقيقة الصبر على البلية هو الرضا بالقضا، وترك السخط منه والشكا، وأما من ابتلي ببلاء فلم يرض به(٢) وسخط منه وشكاه فليس ذلك بصابر، وقد روي عن جعفر بن محمد @: (أنه وفد عليه شقيق البلخي فقال له: من أين أتيت(٣)؟ فقال: من خراسان. فقال: كيف التّوكل هنالك؟ قال(٤): إذا رزقوا أكلوا، وإذا منعوا صبروا. فقال جعفر بن محمد @: هكذا كلاب المدينة عندنا إذا رزقت أكلت، وإذا منعت صبرت،
(١) في (أ): وإنما أمرنا بالدعاء إليه.
(٢) في (ص): ولم يرض به.
(٣) في (ش، م، س): من أين أنت.
(٤) في (ص، ل): فقال.