حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الصبر على البلية

صفحة 325 - الجزء 1

  وكذلك الغضب من البلايا⁣(⁣١) الكبار فإنه لا يكاد يصبر على كظم الغيظ عند الغضب مع القدرة على الانتصار إلا ذو حظّ عظيم كما قال اللّه تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ٣٤ وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}⁣[فصلت: ٣٤ - ٣٥]، وقال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}⁣[الشورى: ٤٣]. وقد روي عن رسول اللّه ÷ أنه قال: «اتّقوا النساء، واتقوا الغضب، فإنه جمرة يتوقد في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى انتفاخ أوداجه، وحمرة عينيه، فإذا أحس أحدكم بشيء من ذلك فليذكر اللّه سبحانه وتعالى».

  وعنه ÷ أنه قال لعلي #: «يا عليّ إن من اليقين أن لا ترضي أحدا بسخط اللّه، ولا تحمد أحدا على ما آتاك اللّه، ولا تذمّ أحدا على ما لم يؤتك اللّه، فإن الرزق لا يجره حرص حريص، ولا يصرفه⁣(⁣٢) كراهة كاره، إن اللّه بحكمه وفضله جعل الرّوح والفرح في الرضا⁣(⁣٣)، وجعل الهمّ والحزن في الشك والسخط».

  وروي عنه ÷ أنه قال: «من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه اللّه ø [يوم القيامة] على رؤوس الخلائق حتّى يخيره⁣(⁣٤) في أيّ جواره شاء».


(١) في (ع): من أعظم البلايا.

(٢) في (ص): ولا يرده.

(٣) في (ع): والفرج في الرضى.

(٤) في (ط): حتى يجيره.