حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الموت

صفحة 326 - الجزء 1

فصل في الكلام في الموت

  اعلم أن الموت آخر بلايا المؤمنين، وأوّل نقمة العاصين⁣(⁣١) وفيه نعمة، وثلاث بلايا.

  أما النّعمة فإن اللّه جعله موعظة للمؤمنين، وعبرة للمسلمين، وتذكرة لجميع المكلفين، وتحذيرا وتخويفا للمعتدين⁣(⁣٢)، ولولا ذكر الموت وخوفه ما ازدجر من اتّباع الهوى مزدجر، ولا فعل ما يؤمر به مؤتمر إلا من علم اللّه.

  وأما البلايا الثلاث: فواحدة منهنّ عامّة لجميع المكلفين، وواحدة خاصّة لعيال الميّت وأقاربه وأصحابه، ومن يضرّه موته، وواحدة خاصّة للميت في نفسه.

  فأما البلية العامة لجميع المكلفين: فإن اللّه جعل الموت والفناء بليّة ابتلى بها عباده لينظر من يؤمن بالآخرة، ويصدّق بالغيب، ويعمل ما يأمره به، وينتهي عما نهاه عنه⁣(⁣٣) فيثيبه ويجزيه، ويخلّده في الجنان، وينظر من يكذّب بالآخرة والوعد والوعيد، ولا يأتمر بأمره ولا ينتهي عن نهيه، فيخلّده في النيران⁣(⁣٤) ويعذّبه بالخزي والهوان، ولو لم يكن موت ولا فناء ولم تكن الجنة والنار غائبتين، وكانتا حاضرتين


(١) في (ص): للعاصين.

(٢) كذا في (س، ل): وفي بقية النسخ: للمتعبدين.

(٣) في (ج، ص): ويعمل ما يؤمر به وينتهي عمّا نهي عنه.

(٤) في (ص، م، د): ولا ينتهي عمّا نهاه عنه فيخلده في النار.