فصل في الكلام في الموت
فصل في الكلام في الموت
  اعلم أن الموت آخر بلايا المؤمنين، وأوّل نقمة العاصين(١) وفيه نعمة، وثلاث بلايا.
  أما النّعمة فإن اللّه جعله موعظة للمؤمنين، وعبرة للمسلمين، وتذكرة لجميع المكلفين، وتحذيرا وتخويفا للمعتدين(٢)، ولولا ذكر الموت وخوفه ما ازدجر من اتّباع الهوى مزدجر، ولا فعل ما يؤمر به مؤتمر إلا من علم اللّه.
  وأما البلايا الثلاث: فواحدة منهنّ عامّة لجميع المكلفين، وواحدة خاصّة لعيال الميّت وأقاربه وأصحابه، ومن يضرّه موته، وواحدة خاصّة للميت في نفسه.
  فأما البلية العامة لجميع المكلفين: فإن اللّه جعل الموت والفناء بليّة ابتلى بها عباده لينظر من يؤمن بالآخرة، ويصدّق بالغيب، ويعمل ما يأمره به، وينتهي عما نهاه عنه(٣) فيثيبه ويجزيه، ويخلّده في الجنان، وينظر من يكذّب بالآخرة والوعد والوعيد، ولا يأتمر بأمره ولا ينتهي عن نهيه، فيخلّده في النيران(٤) ويعذّبه بالخزي والهوان، ولو لم يكن موت ولا فناء ولم تكن الجنة والنار غائبتين، وكانتا حاضرتين
(١) في (ص): للعاصين.
(٢) كذا في (س، ل): وفي بقية النسخ: للمتعبدين.
(٣) في (ج، ص): ويعمل ما يؤمر به وينتهي عمّا نهي عنه.
(٤) في (ص، م، د): ولا ينتهي عمّا نهاه عنه فيخلده في النار.