(9) باب حقيقة معرفة الجزاء
(٩) باب حقيقة معرفة الجزاء
  اعلم أن اللّه لما ثبت أنه عدل حكيم عالم، وأنه لم يهمل الخلق، ولا ضيّع التدبير(١)، ورأينا الناس ظالما ومظلوما، ولا يكاد يوجد في الناس غيرهما، ولا يوجد أحد من المكلفين إلا مطيعا أو عاصيا(٢)، ورأينا العصاة يظلمون المطيعين ويقتلونهم، ورأينا المطيعين مقيّدين لألسنتهم وأفواههم وأيديهم وفروجهم مما حرم اللّه عليهم(٣)، ورأينا العاصين مطلقين لما قيّد المطيعون، ورأيناهم في دنياهم أهل نعم وتنعم، وأهل ثروة في المال، وهيبة في الدنيا وجمال، فلما رأينا الظالمين العاصين ماتوا ولم ينتصر منهم للمظلومين المطيعين، ولا عوقبوا لهم في الدنيا، ورأينا المطيعين المظلومين ماتوا ولم ينتصروا من الظالمين ولا عوقبوا لهم في الدنيا، علمنا علما عقلا ضروريا أن العدل الحكيم العالم جلّ وعلا لا يترك خلقه مهملا، ولا يضيع لعامل عملا، وأنه سيحدث دارا للجزاء يثيب فيها المطيعين المظلومين، ويعاقب فيها الظالمين العاصين، وأنه لا يعجزه ذلك كما لم يعجزه خلق الدنيا وما فيها، والجزاء تمام العدل(٤) ونظامه، ولولا ذلك لكان
(١) في (ش): وأنه لا يهمل ولا يضيع التدبير.
(٢) في (أ، ص، ل): وعاصيا.
(٣) في (ع، ب): كما قد حرّم اللّه عليهم. وفي (ش): كما حرّم اللّه عليهم.
(٤) في (ع، ل، ب): إتمام العدل.