فصل في الكلام في الآجال
  واستبق لي مما تركت مطيّة ... في الناس أركبها إذا قيل اركبوا
  فأما سائر الكفار من العرب والعجم فإنهم نفوا البعث. وقالوا:
  كيف يحيا من قد مات ودفن ثم صار عظاما ثم ترابا، ونسوا كونهم من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، ثم خلقت المضغة عظاما، ثم كسيت [العظام](١) لحما، ثم أنشأها اللّه خلقا آخر، ذكرا أو أنثى، ثم أخرجه طفلا، أو لم يعلموا(٢) أن الذي خلقه من تراب يعيده؟ ولو كان قد صار ترابا، وقد ذكر اللّه قولهم واحتجّ به عليهم فقال تعالى: {أَ وَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ٧٧ وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ٨٠ أَ وَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ٨١ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢ فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[يس: ٧٧ - ٨٣]، وقال تعالى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ١ بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ ٢ أَ إِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ ٣ قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ ٤ بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ٥ أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ ٦ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٧ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ٨ وَنَزَّلْنا
(١) زيادة في (ع، م، د).
(٢) في (ت): وليعلموا.