حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الكتاب

صفحة 363 - الجزء 1

  عَنِّي مالِيَهْ ٢٨ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ}⁣[الحاقة: ١٨ - ٢٩]، وقال تعالى: {وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ١٣ اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}⁣[الإسراء: ١٣ - ١٤]، وقال تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ ٥٢ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ}⁣[القمر: ٥٢ - ٥٣]. فصحّ أن الكتاب هو الكتاب المعقول.

  ومعنى قول اللّه تعالى: {أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} يريد: فعله، خيره وشرّه، وسعادته وشقاوته، قال اللّه تعالى: {قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ ١٨ قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ}⁣[يس: ١٨ - ١٩]. وحجّة من قال: (الكتاب⁣(⁣١) هو العلم) قول اللّه تعالى: {وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}⁣[الروم: ٥٦]. قالوا: المراد به: لقد لبثتم في علم اللّه. وقد يمكن أن يحمل معنى الآية على هذا، ويمكن أن يكون المراد به: لقد لبثتم فيما وجدنا⁣(⁣٢) في كتاب اللّه الذي هو القرآن أنّكم لبثتم إلى يوم البعث⁣(⁣٣).

  واعلم أن للكتاب في كتاب اللّه أربعة معان: فكتاب وهو العلم، وكتاب وهو الكتاب المكتوب بالقلم - وقد ذكرنا ذلك - وكتاب وهو الفرض؛ قال اللّه تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٣]، وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ٢١٦] يريد: فرض عليكم. وكتاب هو الحكم؛


(١) في (س، ل): إن الكتاب.

(٢) في (أ): فما وجدنا.

(٣) في (ل): أنكم لبثتم إلى يوم القيامة فما وجدنا.