حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الشفاعة

صفحة 368 - الجزء 1

  ونحن نعارض قولهم⁣(⁣١) بكتاب اللّه، وبقول رسول اللّه ÷. قال اللّه تعالى في الملائكة À: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى}⁣[الأنبياء: ٢٨]، وقال تعالى: {ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ}⁣[غافر: ١٨]، وقال تعالى: {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ}⁣[المدثر: ٤٨]، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ}⁣[البقرة: ٤٨]، وقال تعالى: {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٧ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٧ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}⁣[الانفطار: ١٧ - ١٩] فصحّ أن الشفاعة لا تكون لأهل الكبائر.

  وقد ورد في الأخبار عن رسول اللّه ÷، أن الشفاعة⁣(⁣٢) للتائبين دون العاصين؛ من ذلك ما روي عنه ÷، روي عن محمد بن الحسين⁣(⁣٣) بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي $ قال: (زارنا رسول اللّه ÷ ففعلنا له خزيرة⁣(⁣٤)، وأهدت لنا أمّ أيمن قعبا من لبن، وزبدا، وصحفة من تمر فأكل رسول اللّه ÷ وأكلنا معه، ثم توضأ رسول اللّه ÷ فمسح وجهه⁣(⁣٥) ولحيته بيده، ثم استقبل القبلة فدعا اللّه جلّ ذكره بما شاء، ثم أكبّ إلى الأرض بدموع غزيرة مثل المطر، ثم أكبّ إلى الأرض ففعل ذلك ثلاث مرات، فهبنا أن نسأله ÷، فوثب الحسين # على رسول اللّه⁣(⁣٦) ÷ فبكى وضمّه إليه وقال: «بأبي


(١) في (ص، ش): في قولهم.

(٢) في (ع): أن شفاعته.

(٣) في (س، ش): روى محمد بن الحسين.

(٤) في (ش، ص، ع): فعملنا له خزيرة.

(٥) في (أ): فمسح رأسه ووجهه.

(٦) في (ش، ل): إلى رسول اللّه ÷.