فصل في الكلام في الشفاعة
  ونحن نعارض قولهم(١) بكتاب اللّه، وبقول رسول اللّه ÷. قال اللّه تعالى في الملائكة À: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى}[الأنبياء: ٢٨]، وقال تعالى: {ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ}[غافر: ١٨]، وقال تعالى: {فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ}[المدثر: ٤٨]، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ}[البقرة: ٤٨]، وقال تعالى: {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٧ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٧ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}[الانفطار: ١٧ - ١٩] فصحّ أن الشفاعة لا تكون لأهل الكبائر.
  وقد ورد في الأخبار عن رسول اللّه ÷، أن الشفاعة(٢) للتائبين دون العاصين؛ من ذلك ما روي عنه ÷، روي عن محمد بن الحسين(٣) بن علي بن الحسين عن أبيه عن علي $ قال: (زارنا رسول اللّه ÷ ففعلنا له خزيرة(٤)، وأهدت لنا أمّ أيمن قعبا من لبن، وزبدا، وصحفة من تمر فأكل رسول اللّه ÷ وأكلنا معه، ثم توضأ رسول اللّه ÷ فمسح وجهه(٥) ولحيته بيده، ثم استقبل القبلة فدعا اللّه جلّ ذكره بما شاء، ثم أكبّ إلى الأرض بدموع غزيرة مثل المطر، ثم أكبّ إلى الأرض ففعل ذلك ثلاث مرات، فهبنا أن نسأله ÷، فوثب الحسين # على رسول اللّه(٦) ÷ فبكى وضمّه إليه وقال: «بأبي
(١) في (ص، ش): في قولهم.
(٢) في (ع): أن شفاعته.
(٣) في (س، ش): روى محمد بن الحسين.
(٤) في (ش، ص، ع): فعملنا له خزيرة.
(٥) في (أ): فمسح رأسه ووجهه.
(٦) في (ش، ل): إلى رسول اللّه ÷.