داعية عدالة اجتماعية
  الجاه والمنصب، وإقامة مجتمع إسلامي فاضل تسوده المساواة وحرية التفكير والتعبير في إطار مكارم الأخلاق، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيه العلماء وأهل الحل والعقد، وكان يكلّف العلماء والمفكرين بوعظ الناس وإرشادهم، ومناظرة وحوار من يخرجون عمّا يراه صوابا، وكان من أكابر من يعتمد عليه في ذلك القاضي جعفر بن أحمد بن عبد السلام ومناظراته مع علماء المطرفية بتوجيه من الإمام مشهورة، وكذلك مع علماء الأشاعرة، ولكنه كان شديد الوطأة على (الباطنية) والفجار والفساق، لا يحابي في ذلك ولا يجامل، وكان أحيانا ينكمش في هجرته على ضفاف (الخارد) ويشتغل بالزراعة، ولما ظهر الفساد في صعدة ولم يتمكن الأشراف بنو الهادي من إقامة الشريعة وتنفيذ أحكامها، وطلبوا منه النهوض إلى صعدة أجابهم، وبعد أن أدّى رسالته عاد إلى الجوف، ولمّا حصلت بينه وبين السلطان حاتم المراسلة وجنحا إلى المصالحة والتقيا في بيت (الجالد) كانت شروط الإمام عليه هي منع الخطبة للباطنية في صنعاء، وإظهار مذهب الهادي، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وعاد السلطان حاتم إلى (صنعاء) والإمام إلى (الجوف) سعيدا راضيا بأن (حاتم) قد نفذ الكثير مما تعاقدا عليه، والتفت إلى محاربة القرامطة والباطنية في (وادعة) وغيرها)(١).
(١) تاريخ اليمن الفكري: ٤٦٦.