حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في معاني القرآن

صفحة 390 - الجزء 1

  وقوله: {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الزمر: ٦٢]، وأمثال ذلك، فهذه الآيات متشابهات، وقد اتّبعتها المشبهة والمجبرة⁣(⁣١).

  وفي أصل الكتاب المحكم المجمع عليه ما يدل على أن تأويل هذه الآيات غير ظاهرها، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، وقوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، وقد بينا هذا، وفسرناه في باب حقيقة معرفة التوحيد بما فيه كفاية.

  وتأويل قول اللّه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ} المراد به: بظلل من الغمام، وقد قال اللّه تعالى - حاكيا عن فرعون:

  {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}⁣[طه: ٧١] المراد به: على جذوع النخل، ومثل هذا موجود في لغة العرب. وكذلك قوله: {وَجاءَ رَبُّكَ} المراد به:

  وجاء امر ربّك، والملك، وقوله: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} المراد به: على الملك اقتدر.

  وكذلك قوله: {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}⁣[فصلت: ١١] المراد به: ثم اقتدر على السماء؛ والقول من اللّه هو الفعل، لا غير، والقول من السماء والأرض هو الإذعان للّه والذلة [له]⁣(⁣٢).

  وقوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ}⁣[الحاقة: ١٧] المراد به - واللّه أعلم: ويتولّى ملك ربك يوم القيامة ثمانية أصناف من الملائكة،


(١) في (ع، ب، د): وقد تبعها المشبهة. وفي (ش): وقد اتبعها المشبهة.

(٢) زيادة في (ع).