فصل في الكلام في معاني القرآن
  وقوله: {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ}[الزمر: ٦٢]، وأمثال ذلك، فهذه الآيات متشابهات، وقد اتّبعتها المشبهة والمجبرة(١).
  وفي أصل الكتاب المحكم المجمع عليه ما يدل على أن تأويل هذه الآيات غير ظاهرها، وهو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى: ١١]، وقوله: {لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الأنعام: ١٠٣]، وقد بينا هذا، وفسرناه في باب حقيقة معرفة التوحيد بما فيه كفاية.
  وتأويل قول اللّه تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ} المراد به: بظلل من الغمام، وقد قال اللّه تعالى - حاكيا عن فرعون:
  {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ}[طه: ٧١] المراد به: على جذوع النخل، ومثل هذا موجود في لغة العرب. وكذلك قوله: {وَجاءَ رَبُّكَ} المراد به:
  وجاء امر ربّك، والملك، وقوله: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} المراد به: على الملك اقتدر.
  وكذلك قوله: {ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ}[فصلت: ١١] المراد به: ثم اقتدر على السماء؛ والقول من اللّه هو الفعل، لا غير، والقول من السماء والأرض هو الإذعان للّه والذلة [له](٢).
  وقوله تعالى: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ}[الحاقة: ١٧] المراد به - واللّه أعلم: ويتولّى ملك ربك يوم القيامة ثمانية أصناف من الملائكة،
(١) في (ع، ب، د): وقد تبعها المشبهة. وفي (ش): وقد اتبعها المشبهة.
(٢) زيادة في (ع).