حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في الناسخ والمنسوخ

صفحة 396 - الجزء 1

  ومما نسخ قول اللّه تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً}⁣[البقرة: ٢٢٩] وهذا في المختلعة. وقوله: {وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً}⁣[النساء: ٢٠] نسخه قول اللّه تعالى: {إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}⁣[البقرة: ٢٢٩]. وروي أن أول مختلعة في الإسلام حبيبة بنت سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شمّاس، فأتت النبيء ÷، فقالت:

  يا رسول اللّه، لا أنا ولا ثابت، فقال لها النبيء ÷: «أفتردّين عليه ما أخذت منه؟» قالت: نعم - وكان ثابت تزوّجها على حديقة من نخل - فقال ثابت: هل يطيب ذلك لي يا رسول اللّه؟ قال: «نعم»، وأمره رسول اللّه ÷ بطلاقها.

  ومما نسخ [قوله تعالى]: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}⁣[البقرة: ٢٤٠] كانت⁣(⁣١) عدّة المتوفّى عنها زوجها سنة، وكانت لها الوصيّة، ولم يكن لها ميراث، فنسخت العدّة⁣(⁣٢) بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}⁣[البقرة: ٢٣٤]، وسبب العدّة إظهار الحزن على صاحبها وتوقّع الولد منه، وهو في هذه⁣(⁣٣) المدة يتبيّن الحمل إن كان. وقد قيل:

  إنه يكون في أربعين يوما نطفة، وفي أربعين يوما علقة، وفي أربعين يوما مضغة، فإذا بلغ أربعة أشهر وعشرا صار عظاما، ولم يخف


(١) في (ب، ص، ش، ع): كان. وفي (أ): فكانت.

(٢) في (ج، ه، د): فنسخ قدر العدة.

(٣) في (ص، ه): وهي في هذه المدة.