حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في نبيئنا محمد ÷

صفحة 425 - الجزء 1

  وأيضا ففي القرآن من الإعلام بالغيب ما قد تبيّن منه شيء مثل قوله: {إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ}⁣[الأنفال: ٧] فكان ذلك. ومثل قوله: {ألم ١ غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}⁣[الروم: ١ - ٣]، فكان ذلك. ومثل قوله: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}⁣[الفتح: ٢٧]، فكان ذلك، وأمثال ذلك كثير.

  ومن الدليل على أن القرآن من أكبر معجزات النبيء ÷ قول اللّه تعالى: {أَ وَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}⁣[العنكبوت: ٥١].

  وفي القرآن أيضا خلّة أخرى وهو أنه سهل معجز، بليغ موجز، ولا يوجد في كلام المخلوقين، مثل قوله تعالى: {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ٨٦ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ٧٨ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}⁣[ص: ٨٦ - ٨٨]، ففي هذه الكلمات - من الإبلاغ والإيجاز والمعاني العجيبة والدلائل الغريبة - ما يدلّ على أنه ليس يقدر⁣(⁣١) على مثله أحد من المخلوقين، فالحمد للّه رب العالمين.


(١) في (ت، ي، ه): لا يقدر.