فصل في الكلام في نبيئنا محمد ÷
  وأيضا ففي القرآن من الإعلام بالغيب ما قد تبيّن منه شيء مثل قوله: {إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ}[الأنفال: ٧] فكان ذلك. ومثل قوله: {ألم ١ غُلِبَتِ الرُّومُ ٢ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}[الروم: ١ - ٣]، فكان ذلك. ومثل قوله: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}[الفتح: ٢٧]، فكان ذلك، وأمثال ذلك كثير.
  ومن الدليل على أن القرآن من أكبر معجزات النبيء ÷ قول اللّه تعالى: {أَ وَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: ٥١].
  وفي القرآن أيضا خلّة أخرى وهو أنه سهل معجز، بليغ موجز، ولا يوجد في كلام المخلوقين، مثل قوله تعالى: {قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ٨٦ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ ٧٨ وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ}[ص: ٨٦ - ٨٨]، ففي هذه الكلمات - من الإبلاغ والإيجاز والمعاني العجيبة والدلائل الغريبة - ما يدلّ على أنه ليس يقدر(١) على مثله أحد من المخلوقين، فالحمد للّه رب العالمين.
(١) في (ت، ي، ه): لا يقدر.