حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في معنى الرسالة

صفحة 426 - الجزء 1

فصل في الكلام في معنى الرسالة

  اعلم أن اللّه لما خلق عباده، أعد لهم الجنة والنار والثواب والعقاب، فأعدّ لمن أطاعه الجنة، وأعدّ لمن عصاه النار. ثم أرسل إليهم رسولا يدعوهم إلى الجنة ويحذرهم من النار⁣(⁣١)، فمن اتّبع الرسول دخل الجنة، ومن تخلّف عنه دخل النار. وقد روي عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري قال: خرج علينا رسول اللّه ÷ يوما فقال: «إني رأيت في المنام كأن جبريل # عند رأسي، وميكائيل عند رجلي، فيقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا، فقال: اسمع - سمعت أذناك - واعقل - عقل قلبك - إنما مثلك ومثل أمّتك كمثل ملك اتّخذ دارا، ثم بنى فيها بيتا، ثم جعل فيه مائدة، ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه، فمنهم من أجاب الرسول، ومنهم من تركه، فاللّه ø هو الملك، والدّار الإسلام، والبيت الجنّة» فكان كذلك رسول اللّه ÷ أبلغ الرسالة، وأدّى الأمانة، وأنذر وحذّر، ورغّب وعلّم، وبصّر وبيّن، وفسّر، فهدى اللّه به إلى الإيمان، وأظهر دينه على الأديان، قال عزّ من قائل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}⁣[الصف: ٩]، وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ٢ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ


(١) في (ص): ويحذرهم النار.