فصل في الكلام في خطايا الأنبياء $
  اختارهم لتبليغ رسالته وأداء أمانته، ولا يجوز أن يرسل من ينسى شيئا من تبليغ الرسالة أو يسهو عنها أو يكذب، فهذه الجملة لا تجوز على الأنبياء بل هم معصومون عنها. وكذلك تعمّد معصية اللّه، قال اللّه تعالى: {لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة: ١٢٤]، فأما في سائر أفعالهم غير تبليغ الرسالة، فإنه يجوز عليهم النسيان والغفلة، والخطأ في التأويل، والعجلة، وقد ذكر اللّه عنهم ذلك، وذكر توبتهم منه وندمهم وإقلاعهم واستغفارهم، فقال في النسيان والخطأ في آدم #:
  {فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}[طه: ١١٥].
  وقال - حاكيا قول موسى للخضر @: {لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ}[الكهف: ٧٣]. وقال اللّه تعالى لنبيّنا ÷: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[الأنعام: ٦٨].
  وقال تعالى في يونس # وعجلته: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء: ٨٧]. وقد قيل: إن سبب إباقه أنه أرسله اللّه إلى قومه فكذّبوه، فوعدهم(١) بنقمة من اللّه تصيبهم بعد ثلاثة أيام، وقال لهم: وعلامة ذلك أن وجوههم تصبح غبرا أوّل يوم من هذه الأيام، واليوم الثاني تصبح حمرا، واليوم الثالث تصبح وجوههم سودا ويأتيهم العذاب، ثم إنه تنحى عنهم لئلّا يناله ما نالهم(٢)، فلما أصبحت وجوههم كما ذكر لهم [في](٣) اليوم الأول واليوم الثاني،
(١) في (ت): فتوعدهم. وفي (ل): فأوعدهم.
(٢) في (ص): لئلا يصيبه ما نالهم. وفي (ع): لئلا يناله ما ينالهم. وفي (م): لئلا يصيبه ما أصابهم.
(٣) زيادة في (ب، ش، ص، ع).