حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في خطايا الأنبياء $

صفحة 433 - الجزء 1

  بنا خمس ركعات، فاستقبل القبلة وهو جالس، وسجد سجدتين، ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلّم.

  واعلم أنه لا يقال: إن النبيء معصوم عن جميع المذمومات والمعاصي. لأنه⁣(⁣١) لو كان كذلك لم يكن له ثواب في لزمه لنفسه عن المحرّمات، ولما كان محمودا في ترك اتباع الشهوات، ولما كان يوسف # في لزمه لنفسه عن امرأة العزيز محمودا ومثابا، وقد قال اللّه تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ}⁣[يوسف: ٢٤]، فصحّ أنه لزم نفسه (عنها)⁣(⁣٢) لا عن عصمة. ولا نقول إن اللّه عصمه منها بل نقول: إن الأنبياء $ مخيّرون ممكّنون كغيرهم من الآدميين بل إنهم أقوى على نفوسهم وعلى لزمها من المحرمات⁣(⁣٣) لما شاهدوا⁣(⁣٤) من الدلائل والمعجزات والرسالة من اللّه لهم⁣(⁣٥) والآيات.

  وقد يمكن أن يصرف اللّه عنهم بالتوفيق والتسديد كثيرا من المحظورات كما قال اللّه - حاكيا عن يوسف #: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ٣٣ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}⁣[يوسف: ٣٣ - ٣٤].

  واعلم أنا لا نقطع على من كان عصى اللّه معصية عمدا ثم تاب منها وأناب وأخلص واشتهر إخلاصه وتوبته عند الخاص والعام،


(١) في (، ب): ولأنه.

(٢) ساقط في (ث).

(٣) في (ع): وعلى لزومها من لزمها المحرمات.

(٤) في (ص): لما يشاهدون.

(٥) في (ص، د): إليهم.