فصل في الكلام في خطايا الأنبياء $
  بنا خمس ركعات، فاستقبل القبلة وهو جالس، وسجد سجدتين، ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلّم.
  واعلم أنه لا يقال: إن النبيء معصوم عن جميع المذمومات والمعاصي. لأنه(١) لو كان كذلك لم يكن له ثواب في لزمه لنفسه عن المحرّمات، ولما كان محمودا في ترك اتباع الشهوات، ولما كان يوسف # في لزمه لنفسه عن امرأة العزيز محمودا ومثابا، وقد قال اللّه تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ}[يوسف: ٢٤]، فصحّ أنه لزم نفسه (عنها)(٢) لا عن عصمة. ولا نقول إن اللّه عصمه منها بل نقول: إن الأنبياء $ مخيّرون ممكّنون كغيرهم من الآدميين بل إنهم أقوى على نفوسهم وعلى لزمها من المحرمات(٣) لما شاهدوا(٤) من الدلائل والمعجزات والرسالة من اللّه لهم(٥) والآيات.
  وقد يمكن أن يصرف اللّه عنهم بالتوفيق والتسديد كثيرا من المحظورات كما قال اللّه - حاكيا عن يوسف #: {وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ ٣٣ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[يوسف: ٣٣ - ٣٤].
  واعلم أنا لا نقطع على من كان عصى اللّه معصية عمدا ثم تاب منها وأناب وأخلص واشتهر إخلاصه وتوبته عند الخاص والعام،
(١) في (، ب): ولأنه.
(٢) ساقط في (ث).
(٣) في (ع): وعلى لزومها من لزمها المحرمات.
(٤) في (ص): لما يشاهدون.
(٥) في (ص، د): إليهم.