حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #

صفحة 441 - الجزء 1

  ومنها: شجاعته # التي خصّ بها، فإنه نازل الأقران، وقتل الشّجعان، وأباد صناديد العرب، وفرّج عن رسول اللّه ÷ كثيرا من الكرب، فقوي الإسلام بجهاده، وضعف الكفر بصبره واجتهاده.

  ومنها: علمه الغزير وفقهه الكثير حتى قال عمر فيه مع مكانه في الفقه: (لولا عليّ لهلك عمر). وقال: (لا أبقاني اللّه لمعضلة لا أرى فيها أبا الحسن).

  ومنها: كرمه المعروف وسماحه الموصوف، فإنه كان يؤثر غيره في القوت على نفسه ولا يدّخر طعاما لغده من أمسه.

  ومنها: زهده في الدنيا مع قدرته على بلوغ كثير من الأشياء، فرضي من قوته بأدونه، ومن لباسه بأخشنه، وفيه ما يقول اللّه تعالى:

  {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ٥٥ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ}⁣[المائدة: ٥٥ - ٥٦].

  وبإجماع الأمة أنه لم يزكّ أحد راكعا غير عليّ #، فنزلت هذه الآية فيه، فثبت أنه الوليّ بعد رسول اللّه ÷.

  فإن قيل: فما أنكرتم أن تكون هذه الآية عامة لجميع المؤمنين؟

  قلنا: لا يجوز ذلك لأن اللّه تعالى ذكر الوليّ والمولّى عليه، فخاطب المولّى عليه بقوله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ} فصحّ أن الوليّ غير المولّى عليه، فثبت أن الآية خاصّة لعلي #(⁣١)


(١) في (ب): بعلي #.