فصل في الكلام في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #
  ومنها: شجاعته # التي خصّ بها، فإنه نازل الأقران، وقتل الشّجعان، وأباد صناديد العرب، وفرّج عن رسول اللّه ÷ كثيرا من الكرب، فقوي الإسلام بجهاده، وضعف الكفر بصبره واجتهاده.
  ومنها: علمه الغزير وفقهه الكثير حتى قال عمر فيه مع مكانه في الفقه: (لولا عليّ لهلك عمر). وقال: (لا أبقاني اللّه لمعضلة لا أرى فيها أبا الحسن).
  ومنها: كرمه المعروف وسماحه الموصوف، فإنه كان يؤثر غيره في القوت على نفسه ولا يدّخر طعاما لغده من أمسه.
  ومنها: زهده في الدنيا مع قدرته على بلوغ كثير من الأشياء، فرضي من قوته بأدونه، ومن لباسه بأخشنه، وفيه ما يقول اللّه تعالى:
  {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ٥٥ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ}[المائدة: ٥٥ - ٥٦].
  وبإجماع الأمة أنه لم يزكّ أحد راكعا غير عليّ #، فنزلت هذه الآية فيه، فثبت أنه الوليّ بعد رسول اللّه ÷.
  فإن قيل: فما أنكرتم أن تكون هذه الآية عامة لجميع المؤمنين؟
  قلنا: لا يجوز ذلك لأن اللّه تعالى ذكر الوليّ والمولّى عليه، فخاطب المولّى عليه بقوله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ} فصحّ أن الوليّ غير المولّى عليه، فثبت أن الآية خاصّة لعلي #(١)
(١) في (ب): بعلي #.