حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #

صفحة 442 - الجزء 1

  إذ لم يدّعيها غيره، ولا تصدّق راكعا سواه بإجماع الأمة، فثبت أنه أولى بالإمامة؛ لأن اللّه تعالى أحلّه في ولاية المؤمنين محلّ رسول اللّه ÷.

  ومما يدلّ على أنه أقرب الناس من رسول اللّه ÷ ما كان من قصة المباهلة؛ فإنه لمّا وردت نصارى نجران أنزل اللّه تعالى آية المباهلة، قال عزّ من قائل: {فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ}⁣[آل عمران: ٦١]، فدعا رسول اللّه ÷ عليّا وفاطمة والحسن والحسين، فأحجمت نصارى نجران ولم يباهلوا، فصحّ أنه من نفس رسول اللّه ÷. وروي أيضا في الأخبار المتظاهرة: أنه لما نزلت البراءة من المشركين أمر رسول اللّه ÷ بعشر آيات من أول السورة إلى قريش أبا بكر فأتاه جبريل وقال: (إنه لا يبلّغها إلا أنت أو من هو منك) يعني أمير المؤمنين #، فأمر رسول اللّه ÷ بأبي بكر يردّ ويبلّغها أمير المؤمنين إلى قريش، وقرأها عليهم بمكّة فصحّ أنه من رسول اللّه ÷.

  وروي عن أنس بن مالك قال: لما خرج رسول اللّه ÷ إلى غزوة تبوك استخلف علي بن أبي طالب # على المدينة وما هنالك⁣(⁣١)، فقال المنافقون عند ذلك: إن محمدا قد شنئ ابن عمه وملّه، فبلغ ذلك عليا #، فشدّ رحله، وخرج من ساعته، فهبط جبريل على رسول اللّه ÷ فأعلمه بقول المنافقين،


(١) في (ض): وما هناك.