فصل في الكلام في اختلاف الأمة في إمامة علي بن أبي طالب #
  اهتديتم». وأكبر حججهم - بزعمهم - إجماع الأمة عليهم، وسكوت علي #. وبما رووا من قول أبي بكر أنه سمع رسول اللّه ÷ يقول:
  «إنا معاشر الأنبياء لا نورث». والأكثر منهم والأعم يقولون: إن مقام أبي بكر كان بالشورى، وبنظر من المسلمين.
  وقالت شرذمة منهم وهي الأقلّ: بل كان ذلك بوصاة من رسول اللّه ÷.
  والرد عليهم - في قولهم واحتجاجهم بالغار - فإنه لم يذكر في الغار بمدح، لكنه ذكر بنهي؛ لأن قول النبيء ÷ له: {لا تَحْزَنْ} دليل على أنه كان قد ظهر منه الحزن والجبن(١). وأيضا فإن السكينة التي نزلت على رسول اللّه ÷ لم تنزل على أبي بكر قال اللّه تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها}[التوبة: ٤٠]، ولم يقل فيه كما قال في المؤمنين: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ...} الآية [الفتح: ٢٦]. فصحّ أن صحبته(٢) لا توجب له ما ادّعوه(٣).
  وأيضا فإن كانت له بذلك فضيلة، فصبر أمير المؤمنين ومرقده على فراش رسول اللّه ÷ أفضل.
  وأما قولهم: (إنه المولّى في الصلاة). فإنه روي أن رسول اللّه ÷:
  خرج متكئا على كتف علي #، والثاني اختلف فيه، فقيل:
  عبد اللّه بن العباس، حتّى نحّى أبا بكر، وصلّى(٤) بالناس قاعدا،
(١) في (أ): الخوف والجبن.
(٢) في (أ): أن صحابته.
(٣) في (ض): ما ادعاه.
(٤) في (ج، ه، ي): فصلى بالناس قاعدا.