حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في اختلاف الأمة في إمامة علي بن أبي طالب #

صفحة 450 - الجزء 1

  اهتديتم». وأكبر حججهم - بزعمهم - إجماع الأمة عليهم، وسكوت علي #. وبما رووا من قول أبي بكر أنه سمع رسول اللّه ÷ يقول:

  «إنا معاشر الأنبياء لا نورث». والأكثر منهم والأعم يقولون: إن مقام أبي بكر كان بالشورى، وبنظر من المسلمين.

  وقالت شرذمة منهم وهي الأقلّ: بل كان ذلك بوصاة من رسول اللّه ÷.

  والرد عليهم - في قولهم واحتجاجهم بالغار - فإنه لم يذكر في الغار بمدح، لكنه ذكر بنهي؛ لأن قول النبيء ÷ له: {لا تَحْزَنْ} دليل على أنه كان قد ظهر منه الحزن والجبن⁣(⁣١). وأيضا فإن السكينة التي نزلت على رسول اللّه ÷ لم تنزل على أبي بكر قال اللّه تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها}⁣[التوبة: ٤٠]، ولم يقل فيه كما قال في المؤمنين: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ...} الآية [الفتح: ٢٦]. فصحّ أن صحبته⁣(⁣٢) لا توجب له ما ادّعوه⁣(⁣٣).

  وأيضا فإن كانت له بذلك فضيلة، فصبر أمير المؤمنين ومرقده على فراش رسول اللّه ÷ أفضل.

  وأما قولهم: (إنه المولّى في الصلاة). فإنه روي أن رسول اللّه ÷:

  خرج متكئا على كتف علي #، والثاني اختلف فيه، فقيل:

  عبد اللّه بن العباس، حتّى نحّى أبا بكر، وصلّى⁣(⁣٤) بالناس قاعدا،


(١) في (أ): الخوف والجبن.

(٢) في (أ): أن صحابته.

(٣) في (ض): ما ادعاه.

(٤) في (ج، ه، ي): فصلى بالناس قاعدا.