حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في العقل

صفحة 57 - الجزء 1

(١) باب معرفة النظر

  اعلم أيها السامع أن المكلف قد أعطي آلة يبلغ بها - إذا استعملها - ما يصلح دينه ودنياه. أولها - وهو أشرفها وأكملها - العقل الذكيّ، ومنها: الحواس الخمس، ومنها: اللسان المترجم لما يفهمه المستمع، ومنها: اعتدال الخلقة في بنية مخصوصة، ومنها: الحياة والروح، وغير ذلك من الآلة المركّبة في المكلف لصلاح دينه ودنياه.

فصل في الكلام في العقل

  وإنما بدأنا بذكر العقل؛ لأنه أكبر الآلات وبه تعرف المعارف كلّها، وجميع المعلومات. وإنما سمي العقل عقلا؛ لأنه يعقل صاحبه عن المنكرات، وأصل العقل: العلم، وهو عرض ومحلّه القلب. أجمع الموحّد والملحد على أن العقل هو العلم، وأنه عرض؛ إلا فرقة من الزيدية من أهل زماننا وهم أصحاب مطرّف بن شهاب⁣(⁣١)، فإنهم قالوا: (العقل)⁣(⁣٢) هو القلب، واستدلوا بقول اللّه تعالى: {إِنَّ فِي


(١) إليه تنسب المطرفية، والمطرفية: فرقة من فرق الزيدية المنفصلة عنها. نشأت في القرن الرابع الهجري، وانقرضت في القرن السادس. وكانت تنحو في كثير من أقوالها منحى الطبائعية. وقد ورد التعريف بهم، وذكر بعض أقوالهم وتفنيدها في شرحي (الأساس) للإمام أحمد بن محمد الشرفي ¦.

(٢) ساقط في (ص، ع، س، ش).