فصل في الكلام في الأرض
  والتغيير في الأحوال والأعيان، وأنها لا تنفك من الأوقات والأزمان، وكما كان(١) للأيام والليالي أول وآخر ثبت حدثها(٢)، وإذا ثبت حدثها(٣) ثبت حدث(٤) ما لا ينفك منها.
  والزّمان هو وقت حركة العالم وسكونه، وقالت(٥) العلماء قبلنا:
  الزّمان مقدار الحركة، وقد أحسنوا فيه القول. ألا ترى أن السّنة هي مسير الشمس في البروج(٦) من الحمل إلى الحمل؟!
  وقال الجالينوس ومن قال بقوله من أهل الدّهر: الأربع الطبائع التي هي اللين، والخشونة، والحرارة، والبرودة؛ هي المدبّرة بزعمهم، قالوا: والدليل على ذلك أن الإنسان لما كان لا يدرك إلا هذه الأربعة الأشياء كانت مدبّرة قديمة.
  وقالت الفلاسفة: الطبائع الأربع قديمة، وخامس معها هو خلافها، وأثبتوا الحركات، وزعموا أن حركة قبل حركة ... إلى ما لا نهاية له.
  وقال بلعام بن باعورا: إن العالم قديم، وله مدبّر بخلافه. وأثبت الحركات، إلا أنه قال: الحركة الأولى هي الحركة الأخرى معادة.
  والحجة عليهم أنهم قد أقرّوا بحدث الحركات؛ لأن قولهم(٧): (إن حركة قبل حركة) دليل على حدث الحركات؛ لأنه إذا كانت الحركة
(١) في (ج): فكما كان.
(٢) في (أ، س، ه، م): ثبت حدوثها.
(٣) في (أ، س، ه، م): ثبت حدوثها.
(٤) في (أ، س، ه، م): ثبت حدوث.
(٥) في (ي): وقد قالت.
(٦) في (ش): في البرج.
(٧) في (أ، ل، م): بحدث الحركات في قولهم.