فصل في الكلام في الجسم والعرض
  فلما رأينا فيه أثر الخلقة، ورأيناه كان بعد أن لم يكن، علمنا أنه محدث بالمشاهدة، والعقل الضروري، وأنه مخلوق مقدّر، ومصنوع مدبّر.
  ونظرنا إلى ما في الأرض من الحيوان من الدواب والطير [مخلوقة] لمنافع الإنسان، فمنها ما جعل نعمة، ومنها ما جعل بليّة. فرأينا في جميعها ما يدلّ على حدوثها(١)، وأنها مصنوعة مصوّرة، مخلوقة مقدّرة.
فصل في الكلام في الجسم والعرض
  اعلم أن الجسم سمّي جسما لطوله وعرضه وعمقه. والعرب تسمّي ما زاد في الطول والعرض والعمق جسما(٢)، يقول القائل منهم:
  فرسي جسيم، وجملي أجسم من جمل فلان، يريد أنه بالغ فيما له سمّي جسما، وهو الطّول والعرض والعمق؛ قال اللّه تعالى: {قالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}[البقرة: ٢٤٧]، وقال الشاعر - وهو عامر بن الطّفيل:
  وقد علم الحيّ من عامر ... بأن لنا ذروة الأجسم
  وللجسم دلائل منها أن يكون طويلا عريضا عميقا؛ ومنها أن يكون
(١) في (ع، ش): ما يدل على حدثها.
(٢) في (ب): جسيما.