فصل في الكلام في أن الله تعالي شيء
فصل في الكلام في أن اللّه تعالي شيء
  اعلم أن أعم الأشياء قولنا: شيء، وهو ما يعلم أو يدلّ عليه، أو يشاهد أو يخبر عنه، فكل هذه الأشياء تستحق اسم الشيء. وما لم يكن يعلم أو يدلّ عليه أو يشاهد أو يخبر عنه فليس يستحق اسم الشيء وهو معدوم، والعدم لا شيء، ولا منزلة ثالثة (تكون)(١) غير الشيء الموجود وغير المعدوم الذي ليس بشيء، فعلمنا أن اللّه تعالى هو شيء لا كالأشياء، وقد سمّى نفسه شيئا، قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ ...} الآية [الأنعام: ١٩].
  وقلنا: إنه شيء لا كالأشياء لإثبات الموجود ونفي التّشبيه، لأنه لو لم يكن شيئا لكان منفيّا لا حكم له، ولو كان كالأشياء لكان مشبها للمحدثات، وإذا كان مشبها للمحدثات كان محدثا، وإذا كان محدثا كان مصنوعا، فتعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا. فصحّ أن اللّه شيء لا كالأشياء.
  ولا يلزم على هذا قول من يقول: إنه جسم لا كالأجسام؛ لأن الجسم هو الطويل العريض العميق، الشّاغل للمكان، وإذا كان بهذه الصفة(٢) كان جسما، وإذا كان جسما كان محدثا؛ لأن جميع الأجسام لا تتعرّى من الأحوال الحادثة التي هي الحركة والسّكون
(١) ساقط في (ض).
(٢) في (ش، م، س): وإذا كان بهذه الصفات.