فصل في الكلام في صفات الله والفرق بين الأسماء والصفات
فصل في الكلام في صفات اللّه والفرق بين الأسماء والصفات
  اعلم أن اللّه تعالى يوصف بصفات راجعة إلى ذاته، ويوصف بصفات راجعة إلى فعله. فالصفات الراجعة إلى ذاته هي التي لا تضاد ولا تنافى(١) كقولك: الحيّ، القادر، العالم، القديم، فهذه وما كان من صفات العظمة لا تضادّ ولا تنافي؛ لأنه يستحيل أن نقول: يعلم ولا يعلم، ويقدر ولا يقدر.
  فأما الصفات الراجعة إلى الفعل فهي كقولك: الرّازق، الخالق، ولا يستحيل(٢) أن يدخل عليها التّضادّ والتنافي؛ لأنك تقول: يخلق ولا يخلق، ويرزق ولا يرزق، وجميع هذه الأسماء يثبت للّه معانيها وينتفي عنه أضدادها.
  فينتفي عن اللّه الموت بالحياة، والجهل بالعلم، والعجز بالقدرة، والحدث بالقدم. ومعنى قولنا: للّه حياة؛ بمعنى أنه حيّ، ومعنى قولنا: إن له قدما؛ بمعنى أنه قديم، ومعنى قولنا: إن له قدرة؛ بمعنى أنه قادر، وأن له مقدورا. ومعنى قولنا: إن له علما؛ بمعنى أنه عالم، وأن له معلوما. فهو حيّ لنفسه(٣) لا بحياة هي غيره، وهو عالم لنفسه(٤) لا بعلم هو غيره، وهو قادر لا بقدرة هي غيره. وذهب قوم
(١) في (ب، ش): التي لا تتضاد ولا تتنافى.
(٢) في (ش): لا يستحيل.
(٣) في (ض): بنفسه.
(٤) في (ض): بنفسه.