حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في أن الله تعالى قديم

صفحة 162 - الجزء 1

فصل في الكلام في أن اللّه تعالى قديم

  اعلم أنه لما ثبت حدث العالم - وقد دللنا على حدوثه⁣(⁣١) فيما تقدّم - وقد دلّ اللّه تعالى عليه بقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...} الآية [آل عمران: ١٩٠]، وبقوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ١٢ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ١٣ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ}⁣[المؤمنون: ١٢ - ١٤]، فدللنا على حدث العالم بحدث هذه الحوادث، وبالحركات والتنقل والزّيادة والنّقصان⁣(⁣٢)، وهذا أكبر الدلائل العقلية على حدث العالم، فلما صحّ حدث العالم، ووجب أن له محدثا صحّ أن محدثه متقدّم له؛ وفي المشاهد والعقل الضروري: أن كلّ صانع متقدّم لصنعه، إذ هو موجد لصنعه. ولما ثبت أن اللّه تعالى موجد للعالم، ثبت أنه لا موجد له (غيره)⁣(⁣٣). ولو كان له صانع متقدّم له لكان للصّانع صانع إلى ما لا نهاية له، فصحّ أن اللّه قديم.


(١) في (ب، ش): على حدثه.

(٢) في (ب، ش): والزيادات والنقصان.

(٣) ساقط في (ش).