حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في المنزلة بين المنزلتين

صفحة 229 - الجزء 1

  واحتشم من أشرّ خلقه⁣(⁣١)، فجعل ربّه أهون الناظرين إليه، فهذا⁣(⁣٢) يخلد في النّيران، ويكون حقيقا بالخزي، والهوان.

  وأما احتجاجهم بقول اللّه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ}⁣[النساء: ٤٨]، فإن المراد به الصغائر، والتوبة أيضا من الكبائر؛ والدليل على ذلك قول اللّه تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ}⁣[النجم: ٣٢]، فأخبر أنه واسع المغفرة؛ لمن اجتنب كبائر الإثم والفواحش، وأنه لا يغفر الفواحش والكبائر؛ إلا لمن تاب لقوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى}⁣[طه: ٨٢]، وقوله: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ}⁣[الرعد: ٦]، المراد به إذا تابوا وأخلصوا، وذلك موجود في القرآن كثير.

فصل في الكلام في المنزلة بين المنزلتين

  فعندنا، وعند المعتزلة أن الفاسق ليس بمؤمن، ولا كافر جحود، بل هو كافر نعمة.

  وقال حسين النّجار، ومن قال بقوله، والأشعرية: الفاسق فاسق بفسقه، مؤمن بإيمانه، والإيمان عندهم هو التصديق بالقلب.

  وذهبت الخوارج إلى أنه مشرك.


(١) في (ص): من شر خلقه.

(٢) في (ع، ش، ب): فبهذا.