فصل في الكلام فيما خلق الله من النعم
  خلق اللّه، تفضّل اللّه بها عليه؛ وكذلك لا يفطر العبد على فطرة إلا وفيها له نعمة من اللّه تعالى، ولا يؤمر بأمر إلا وله فيه نعمة، ولا ينهى عن فعل شيء إلا وفي تركه له نعمة معجّلة أو مؤجّلة.
فصل في الكلام فيما خلق اللّه من النعم
  من ذلك خلق الهواء، وما جعل اللّه فيه من السّعة والصفاء، وكونه مكانا للكبير والصغير من الحيوان والجماد؛ وما جعل اللّه فيه للعباد من المنافع والمصالح والمواد. وجملة الأمر أن من فارق الهواء مات، وبانت عنه عند مفارقته الحياة؛ فصح أنه نعمة من النّعم الكبار، على الكبار من الحيوان والصغار.
  ومن ذلك خلق السماء، وسعتها، وبعدها، وموافقة لونها للأبصار. وما جعل اللّه فيها من الأفلاك والشمس والقمر والنجوم لصالح الحيوان(١)، وقد قدّمنا الكلام فيها، فهل هي إلا من النعم الجسام؟!
  ومن ذلك خلق السحاب المسخّر بين السماء والأرض، وما فيه من المنافع والمصالح [والنعم](٢) الجسام.
(١) في (ع): لمصالح الحيوان.
(٢) زيادة في (ع، ي).