فصل في الكلام في أن ما أمر الله به العبد فهو له نعمة
فصل في الكلام في أن ما أمر اللّه به العبد فهو له نعمة
  اعلم أنه لا يؤمر العبد بأمر إلا وله فيه نعمة، عاجلة أو آجلة، أو عاجلة وآجلة.
  فمن النعمة العاجلة الأمر بالمباح كقوله تعالى: {كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة: ٥٧]، وقوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا}[البقرة: ٦٠]، وكقوله تعالى: {فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة: ٢٢٢]، وكقوله:
  {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الجمعة: ١٠]، وكقوله: {وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا}[المائدة: ٢]، فهذا الأمر ليس بموجب وإنما هو مبيح(١) بالإجماع. ونفعه عاجل.
  والأمر الذي فيه نعمة عاجلة وآجلة، وهو واجب، فهو أكثر الأمر بالعبادة، وهو معرفة اللّه تعالى حقّ معرفته، ومعرفة أصول الدين وفروعه، والطهارة والصلاة، وبر الوالدين، وصلة القرابة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وموالاة أولياء اللّه، ومعاداة أعداء اللّه، وأمثال ذلك، فإن الأمر بهذه الفرائض نعمة من اللّه، وللعبد في فعلها نعمة عاجلة ونعمة آجلة. أما النعمة الآجلة في التطهر فثواب اللّه(٢)، وأما [النعمة](٣) العاجلة فالتطهر من النجاسات، والتنزه عن المنكرات.
  وأما معرفة اللّه ومعرفة الأصول والفروع، فإن النعمة العاجلة
(١) في (ض): ليس واجبا، وإنما هو مباح.
(٢) في (ج): فثواب من اللّه.
(٣) زيادة في (ع، ل، ب).