حقائق المعرفة في علم الكلام،

أحمد بن سليمان (المتوكل) (المتوفى: 566 هـ)

فصل في الكلام في التوبة

صفحة 306 - الجزء 1

فصل في الكلام في التوبة

  فإن التوبة من واجبات الشكر على (العبد)⁣(⁣١) المذنب. والتوبة هي النّدم من فعل المعاصي، والمباينة للمعاصي، والإقلاع عنها، ورد المظالم إلى أهلها.

  والتوبة على وجهين: توبة من كفر. وتوبة من فسق.

  فالتائب من الكفر لا يجب عليه قضاء فرض، ولا ردّ مظلمة، لقول اللّه تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨]، ولقول رسول اللّه ÷: «الإسلام يجب ما قبله».

  وأما التائب من الفسق فإنه يقضي ما ترك من الفروض، كالصلاة، والزكاة، والصوم، وكفارة الأيمان، والنذور، وذلك لقول رسول اللّه ÷: «من نسي صلاة أو نام عنها فليقضها إذا ذكرها» وكذلك الزكاة، والصوم، وكفارة الأيمان، والنذور. فأما سائر حقوق اللّه فلا يجب على من ضيّعها قضاؤها إذا تاب، لقول اللّه تعالى:

  {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}⁣[الزمر: ٥٣]، ولقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ}⁣[الشورى: ٢٥]، ولقوله تعالى:

  {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى}⁣[طه: ٨٢]، ولقوله تعالى:

  {فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[المائدة: ٣٩].


(١) ساقط في (ض).