فصل في الكلام في التوبة
فصل في الكلام في التوبة
  فإن التوبة من واجبات الشكر على (العبد)(١) المذنب. والتوبة هي النّدم من فعل المعاصي، والمباينة للمعاصي، والإقلاع عنها، ورد المظالم إلى أهلها.
  والتوبة على وجهين: توبة من كفر. وتوبة من فسق.
  فالتائب من الكفر لا يجب عليه قضاء فرض، ولا ردّ مظلمة، لقول اللّه تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨]، ولقول رسول اللّه ÷: «الإسلام يجب ما قبله».
  وأما التائب من الفسق فإنه يقضي ما ترك من الفروض، كالصلاة، والزكاة، والصوم، وكفارة الأيمان، والنذور، وذلك لقول رسول اللّه ÷: «من نسي صلاة أو نام عنها فليقضها إذا ذكرها» وكذلك الزكاة، والصوم، وكفارة الأيمان، والنذور. فأما سائر حقوق اللّه فلا يجب على من ضيّعها قضاؤها إذا تاب، لقول اللّه تعالى:
  {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر: ٥٣]، ولقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ}[الشورى: ٢٥]، ولقوله تعالى:
  {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى}[طه: ٨٢]، ولقوله تعالى:
  {فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣٩].
(١) ساقط في (ض).